الثلاثاء، أغسطس 16، 2011

ذكرى إجهاض ثورة ..

هذه هى المرة الاولى التى أروى فيها كل تلك التفاصيل..
لا أعرف السبب ..
ولا أدرك الهدف ..
ربما لسبب أجهله..
وربما لانه حان وقت إفشاؤها ..
***
البداية
عام 2111
هذا العام خصيصا يوافق ذكرى خاصة جدا محببة لنفسى بلا سبب أدركه..إنها مئوية خالدة لم أتحدث عنها لاحد من قبل , ولا حتى مع نفسى ...عن تاريخ مقارب لتاريخ هذا اليوم ...
الان فقط عادت لى ذاكرة المائة عام السابقة هكذا فجأة بلا مقدمات .. بعد أن قمت بتشويشها - عن عمد - لأسباب تقنيه بحته لا أفقه ضرورتها الان..

القصة لم تبدأ الان ..بل بدأت منذ سنوات غير قليلة ..تقريبا فى العام 2092
فى هذا العام تحديدا ..تمكن علماؤنا الافذاذ - أصدرت أمرا بقتلهم جميعا بعد نجاح هذه التجربة -
من فعل أمرا ظل مستحيلا لمئات السنين...
بإختصاروبدون تفاصيل تقنية لا أفهمها...
تمكن هؤلاء العباقرة من إختراع طالما حلمت به البشرية .. وأخرجته مجموعة غير محدودة من المخرجين العالمين فى حقب متعددة فى أزمان سابقة..
قبل أن يصبح الحلم حقيقة فى هذا العام...
أخيرا..
*****
لماذا أنا بالتحديد الذى تمت عليه التجربة ..قد يكون لصدفة قدرية...
لإعادة ترتيب التاريخ ..
بنفسى ..
كنت واحدا من أفراد المؤسسة الامنية التى أشرفت على إختراع هذه الاله الوحيدة فى العالم فى هذه الحقبة من الزمن (التى إستعادت فيها مصر مكانتها العلمية ), وأعادت اليها عصور علماء الاسلام الاوائل الذين صنعوا حضارة وأمجاد عصر الاسلام الاول ..كإبن حيان ...وابن سينا ..و....الجبرتى ..وغيرهم ...
لا بأس بكل تلك التفاصيل الان ...
المهم فى الامر..
انه تم أختيارى لتجربة هذا الجهاز الفريد...
إتفقت مع كبير العلماء على خطة تجعلنا على قمة التاريخ ..
أنا وهو فقط ...كما وعدته..
حلم الخلود فى كتب التاريخ ..يطغى على كل حلم ...أيا كان...

العودة ...
24 يناير 2011
قبل يوم واحد فقط من ذكرى ثورة ال 25 من يناير المجيدة ..
ليس أمامى سوى ساعات قليلة قبل أن يتم تخريب الحاجز الزمنى الذى أخترقته بترتيب مسبق مع كبير العلماء...
أعادتنى الاله ..الى مكان إخترته بدقه وعناية شديدة ...
القصر الرئاسى او قصر العروبة ...بجوار غرفة الرئيس مباشرة..
كانت الساعات الاولى من نهار الاثنين 24 يناير ..
الرئيس كعادته يستيقظ مبكرا ...
طرقت الباب بقوة ..دخلت دون رهبة او خوف ...لكنى ما أن رأيته حتى إنتابتنى لحظات من الذهول اللا إرادى ...
إستجمعت قواى رغما عنى ...الرئيس هو من بدأ بالاستغراب من دخول شخص لم يراه من قبل الى جناحه الخاص ...
ببساطة وجرأة شديدة ...مخترقا كل حواجز الامن..
سيدى الرئيس ..
أنا واحد من محبيك أتيت اليك من مائة عام فى المستقبل ...
هكذا مباشرة بدون تمهيد ...
أرجوك لا تشكك فى قواى العقلية ...ولا تظننى مخبول ...كيف دخلت الى هنا فى رأيك الا إذا كنت عفريتا او صادقا فى كلامى ؟؟
فسيادتك تعرف أن ذبابة واحدة لا تجرؤ على دخول جناح سيادتك بدون تصريح بذلك ..
الرئيس بذهول ...
وجاى ليه وازاى من المستقبل ؟؟ عاوز تطمنى على حكم البلاد من بعدى ...ولا هتحذرنى من مكيدة ستدبر لى قريبا ..كما يدعى الخونة من حولى منذ فترة ...
أنا : التانية يا فندم ..بصراحة ...
يا ريس بكرة هيكون بداية ثورة ستطيح بعرشك للابد...وستذهب بك الى السجن والاعدام ...
الرئيس بذهول أشد وإنكار واضح : إنت شكلك مجنون ...
أجيب : يا فندم أنا معايا كل اللى يثبت لسيادتك كلامى ...
تسمحلى أورى لحضرتك كل الوثائق والمستندات والفيديوهات اللى تثبت كلامى....
أخرجت جهاز ال sau-23 من جيبى (جهاز حديث تم إنتاجه فى اوائل عام 2100 لا يتخطى حجم الولاعة)...أفردت مساحته الثلاثية الابعاد على حائط مباشر للرئيس ...
شغلت له فيديوهات كاملة ببداية أحداث يوم ال 25 ثم جمعة الغضب ..ثم خطاباته المتتالية ..موقعة الجمل ...وأخيرا خطاب تنحيه الذى يلقيه عمر سليمان ... ثم قرارات حبسه إحتياطيا هو وعائلته ورجال نظامه واحدا تلو الاخر... ثم محاكمته العلنية ...ثم إعدامه ...

الرئيس بذهول غير مصدق لما رأى ..
كاد أن يسقط مغشيا عليه ..
لولا أننى امسكت به ...

*******
أخرجته من ذهوله .. سيدى الرئيس ..أنا قادم من المستقبل لإنقاذك ..
أنا من أشد مؤيديك ...
أنا أول من أنشأ لك صفحة أسميتها ( أنا أسف يا ريس)
أنا الذى تظاهرات خلال محاكماتك ..وأشبعت معارضيك ضربا ...
أنا الذى بكيت لحظة إعدامك كما لم أبكى من قبل ...
سيادتك يا فندم لازم تطلع حالا فى خطاب للأمة..
بإختصار.. ستصدر سيادتك الاوامر التالية ...
إقالة حكومة نظيف كاملة ...وتشكيل حكومة من كافة الاحزاب والفصائل السياسية والدينية..
حل مجلسى الشعب والشورى المزورين ...
تأميم كل شركات رجال أعمال حكومتك ..وتحويلهم الى محاكمات فورية عاجلة ..
صرف إعانة بطالة لكل خريج 500 جنية شهريا .. ورفع الحد الادنى للاجور الى 1200 جنية فورا بدءا من الشهر القادم ...
الافراج الفورى عن كافة المعتقلين السياسين ....
ثم أردفت بثقه ...
تعينى نائبا لسيادتك .. أطال الله عمر سيادتك... وإعلان عدم النية فى ترشيح أى من أبنائك فى
الانتخابات القادمة ...وترك الساحة لانتخابات حرة نزيهة ..

******
بكل تأكيد ..نفذ الرئيس كل ما أمليته عليه..
عمت البلاد فرحة غامرة ...مظاهرات التأيد تجوب البلاد ...
معارضى الرئيس بدأوا فى الانضمام الى صفوف المؤيدين ...
الرئيس يعلن - من تلقاء نفسه - بعدم نيته الترشح للرئاسة...

وفورا بدأت خطتى الاساسية التى عدت من أجلها منذ البداية ...
لابد من قتل كبير العلماء فى مهده ..بقتل أحد والديه أو كليهما ...حتى لا يكون له وجود فى مستقبلى الجديد ..
تمت تلك المهمة بسهولة ..فأنا نائب الرئيس المطلق الصلاحيات ...والذى يدين له الرئيس بحياته وتاريخه بالكامل ...
العام 2012 ...
أصبحت أنا الرئيس الفعلى للبلاد .. بعد إنتخابات جهزت لها بتنفيذ كافة أحلام الفصائل السياسية ..بعدما أصبحت رمزا سياسيا شهيرا فى هذا العصر ...
أعدمت كل رموز الفساد من النظام السابق ...
نفذت كل وعود الرئيس السابق..(الذى تخلى لى عن نصف ثروته فداءا لرقبته)..
أعدت كتابة دستور جديد ..لا يحدد مدة حكم الرئيس ..
عينت وزير داخلية ووزير دفاع من أخلص رجالى فى المستقبل ..
جهزت لبقائى أكبر وقت ممكن ..
دائما كنت وافيا لوعودى مع الشعب قدر ما تمكنت..
لدرجة أن ..
الشعب أصبح كله من المؤيدين لى ..
تقريبا...

العام 2045
لم يتبق سوى تنفيذ الجزء الاصعب من الخطة ...
الجزء الخاص بالدكتور حامد مختار...كبير علماء الجينات والوراثة ..
أعرف جيدا أنه فعلها فى المستقبل ...
ومتأكد أنه سيفعلها فى الماضى ...
لم أنسى سرقه الملف الكامل بأبحاثه فى المستقبل ...
طلبت إستدعاؤه ..
سلمته أبحاثه على أجزاء مدعيا انها أجزاء حصل عليها صفوة رجال المخبرات لدينا من كبرى الدول المتقدمة فى هذا المجال .. واعدا بمحاولة الحصول على باق المشروع ..
ومحفزا له فى محاولة إستكمال ما بدأه الاخرون ..
ومؤكدا له على قدرته فى استكمال ما فى يده من بحوث تختص بتعطيل شيخوخة الخلايا البشرية بطرق بيولوجية معقدة .. ليطول عمر الانسان ..الى مئات الاعوام ...
أعرف مسبقا انه سينجح فى عام 2099..
لكنه سيخفى ذلك خوفا من طمع المفسدين والاباطرة ...بل ويحاول تدمير هذا البحث من أساسه ..
لكنى أمتلك كافه الاوراق الخاصة به بعد أن قتلته فى مستقبله ..
تلك الابحاث التى ما أن تكتمل فى يده حتى سيصل فورا الى النتائج التى سأستخدمها فورا قبل أن تدخل عقله تلك الخرافات بضرورة تدمير هذه البحوث...
فأنا فى رحلتى العكسية فقدت جزءا كبير من تأثير الجرعة التى حصلت عليها فى المستقبل ..
أستعين بأحد رجال التجربة فى المستقبل ..وألمح له بالفكرة فيخبرنى بضرورة أن يحصل المسافر الى الماضى على جرعة تشويش ذهنى تفقده ذاكرته جزئيا لمدة مائة عام تقريبا..
حتى لا ينهار كيانه اللاوعى .. لم أفهم كلامه لكنى أثق به ...
أستعين به لعملية التشويش.. بعد أن حصلت على جرعة (تأخير شيخوخة الخلايا) ..وبعد قتل د.حامد مختار أيضا ..

******
النهاية ...
2111 ....
ال 25 من يناير ...
أسمع أصوات تقترب من أبواب القصر الجمهورى ( قصر الاتحادية)..الحناجر تعلو بهتافات
الشعب يريد إسقاط النظام ..
إرحل يعنى إمشى ..يا اللى ما بتفهمش ..
الشعب يريد إعدام الرئيس ..
كلموه بالعبرى ..ما بيفهمش عربى ..
ياللعار ..
كيف لم أحسب حسابا لهذا اليوم رغم كل ما فعلت ..
يبدو أنها ثورة شعبية مماثلة كتلك التى أجهضتها فى الماضى ..
يبدو أن..
التاريخ لا يقبل أن يعبث أحد به ...



**
أدين بالفضل فى كتابة تلك القصة القصيرة الى إثنين ..
نبيل فاروق .. وصديق من فلول النظام السابق...