.jpg)
لماذا يدعى بعض البشر تدينهم ؟؟؟...ويحاول ان ينصب نفسه نبيا اصطفاه الله دون خلقه ليرشد الاخرين ويوجههم وينصحهم ويكون عليهم وصيا دينيا , بل ان هناك من ينصبون نفسهم الهه .. (وليعاذ بالله) - لابد طبعا أن أكتب وليعاذ بالله حتى لا اتهم بالكفر البين , تلك التهمة التى يسهل الصاقها بالاخرين لاننى وضعت بعض البشر بمنزله الله سبحانه وتعالى ...وحاشا لله بالطبع - و للاسف الشديد يظهر هذا الادعاء بالتدين اكثر ما يظهر على الانترنت وبالاخص على الفيس بوك ...هذا الموقع الذى أصبح مكانا للمبارزات الدينية المفتعلة بين اطراف كثيرة , وهناك من يحاولون إظهار تدينهم للاخرين (خصوصا للجنس الاخر) بغرض ابراز الذات بالتحديد .
فالبنت تحاول اظهار تدينها للشباب لعلها تظفر بعريس يبحث عن المتدينة من خلال الفيس بوك او من خارجه ..فحتى لو كان من خارجه فأنه سيأتى اليوم الذى سيضيفها ويبحث فى olderposts ليفهم طباعها وشخصيتها وتدينها كما يظن ...كما تتميز البنت التى تحاول اظهار نفسها بمظهر متدين بعدم وضع صورها اطلاقا ...او قد تكتفى بصورة لعيونها ( وان كنت لا اعرف هل العيون لا تدع مجالا للاخرين بالتخيل الكامل لشكلها ...واراها أسوء للفتنة من صورتها الكاملة ) فى حين ان هناك غيرها من تضع صورها بشكل محترم لثقتها فى ملبسها وثقتها فيمن تضيفه من اصدقاء ولتدينها الحقيقى الذى لاتحتاج معه لمظاهر خادعة , نفس الكلام بالمللى ينطبق على الشباب الذى يبرز تدينه للطرف الاخر بتعليقات متشددة على اى خبر او لينك او status لاحد الاصدقاء او احد الصفحات ....وبالطبع يلجأ البعض لايات قرأنية واحاديث شريفة ..لاضفاء المظهر الدينى حتى يكون بروفايله اسلاميا ..فى انتظار من تراجع ال olderposts لصفحته لتتأكد من تدينه ( الظاهرى)...
وللاسف فان الفيس بوك وغيره من المواقع الاجتماعية التى تسمح بتبادل التعليقات ..تجعل كل من هب ودب يكتب كلاما يدعى صاحبه التدين ...لاظهار نفسه للاخرين كمصلح اجتماعى ودينى كما يظهره بمظهر العاقل المتدين الواعى بأمور دينه ....وقد تجده يترك تعليقا لصورة عارية فى بروفايل يبدو من مظهره انه منحل اخلاقيا ... من نوعيه ( اتقى الله ...جسدك امانة فحافظى عليه ...والنار اولى بأى جزء يظهر منه ...) ولمدعى الدين والتدين سؤال ..لماذا دخلت وكتبت فى صفحة يظهر من بدايتها انها خارجة عن المضمون ولماذا تشاهد هذه النوعية من الصور ولماذا تترك تعليقا؟؟؟...هل تظن صاحب او صاحبة الصفحة ...سينصح بكلامك؟؟!!!!!
كما يستفزنى فى صفحات الفيس بوك ..جروبات من نوعية المليون مسلم الذين سيغلقون صفحة كذا ...او تحدانى فلان ..لجمع مليون مسلم على حب الرسول او .......الخ
مظهر اخر من مظاهر التدين لدى المدعين من الطرفين ...هو كم الجروبات التى يشتركوا فيها وكم الصفحات الدينية وكم الفديوهات والصور الدينية واللينكات الاسلامية والابليكشن الدينية التى يشارك فيها من يحاولون لفت الانظار اليهم .......[بالطبع هذا الكلام لا ينطبق على كثير من الشباب والفتيات ذوى التدين الحقيقى ..اللذين يستخدمون الانترنت كوسيلة للتعارف المحترم ويتعاملون مع الدين كجزء حقيقى من شخصيتهم لا كعامل جذب..]
وبالطبع فأن هذا المظهر التدينى الخارجى للمجتمع انتقل بلاوعى الى جيل الشباب ...ذلك
المجتمع الذى يهتم بذقن الرجل , وحجاب المرأة ...ولايهتم بالقيم والاخلاق والمعاملات الاسلامية السليمة ...لتجد الفتاة المحجبة , ترتدى حجابها على ملابس لا تليق به على الاطلاق كالجينز الضيق , والبادى المبرز لتفاصيل جسدها , وقد ترتديه على جيبه قصيرة ..بلا اى حياء لمظهرها المسىء للفتاة المسلمة ...
كما تجد المجتمع ينظر للفتاة كاشفة الشعر ..بأنها منحلة اخلاقيا ,وانها متبرجة ..فى الوقت الذى قد تكون ملابسها اكثر اعتدالا من مثيلتها المحجبة بحجاب مظهرى فقط , وقد تكون اكثر تدينا من مثيلتها المحجبة بمئات المراحل .....
وانظر معى لكم التعليقات على الاخبار فى صفحات الجرائد المستقلة كالمصرى اليوم والدستور
والشروق واليوم السابع ...لترى كم التعليقات المشبعة بالتدين المظهرى من نوعية ...
حسبنا الله ونعم الوكيل فى صاحب التعليق رقم (….) / الاخ رقم (.....) ربنا يهديك ويرجعك لرشدك وللدين الحق / اللهم انصرنا على الكفرة واعداء الاسلام / السادة محررى الجريدة هذا الخبر يدعوا للفجور والانحلال ..اتقوا الله / ولو الخبر خاص بأحد المشاهير ...تجد كم من التعليقات التى تدعوا له بالهداية وترك الكفر والانحلال وقد تصل الى حد الشتائم / اتقوا الله فينا ..وكفا نشر لاخبار الكفرة والفاسقين / قال الله تعالى ( ...............) على اختلاف الايات /.........الاسلام هو دين الحق ....ولو كره الكافرون / اما لو كان الخبر بخصوص شيخ الازهر (خصوصا السابق ) او المفتى او وزير الاوقاف ...فتجد ادعية من نوعية ...ربنا يهيدك ...اتقى الله ...ربنا يرحمك من فتنة السلطة / ...اللهم نجنا من القوم الكافرين / وفى خبر مثل قتل زوجة المذيع ايهاب سالم لها ....كانت معظم التعلقات تدور حول الايه الكريمة (الرجال قوامون على النساء....) ولعن النساء وانهن السبب فى كل مصائب الكون بدءا من خروج آدم من الجنة ..وأن القصاص العادل هو الحل ..../ بسم الله توكلنا على الله فهو حسبنا ونعم الوكيل .....
هذه التعليقات هى نموذج مصغر لحال الملسمين الذين يهتموا بالدعوة الى التدين والاسلام ...ولا يطبقون من تعاليمه اى شىء ...يكسرون الاشارات المرورية , يستخدمون سلطتهم فى انجاز مهامهم , يتعاملون بالرشوة فى كل امورهم الدنيوية , يكذبون , يسرقون حقوق غيرهم , يخوضوا فى أعراض غيرهم من المسلمين وغير المسلمين , يقصرون فى اعمالهم , يدخنون , يتحرشون بالنساء فى الشوارع , يتجاهلون العمل الخيرى والعام , لا يصلحون المنكر لكن يأمرون بالمعروف , لا يطبقون الحديث الشريف ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ..فأن لم يستطع فبلسانه ...فأن لم يستطع فبقلبه وذلك أضغف الايمان )بشكل صحيح....انظر مثلا الى أى خناقة فى الشارع لتجد من يتجمهرون لا يفضون الخناقة بل يتفرجون عليها...., يتأمرون ضد بعضهم البعض , يتحايلون على الطرق الشرعية المستقيمة , يكرهون بعضهم البعض , يسرقون حقوق الاخرين , لا يحترمون حقوق غيرهم , لا يتحملون او يطيقون غيرهم, لا يصلون ارحامهم .....

للاسف أصبح المسلمون بلا دين حقيقى ..حيث يهتم أغلبهم بالشكل المظهرى للدين الذى يهتم بعقيقة المولود , وختان الانثى, تكفير الغير من غير المسلمين , حجاب المرأة , وصوتها العورة , وصلاة التراويح فى رمضان , والذهاب للعمرة من كل عام , اطلاق اللحى وحف الشارب , سماع الشيوخ المتشددين على القنوات الدينية وترديد كلامهم بدون فهم او وعى , صلاة الاستخارة فى كافة الامور حتى ولو كان فى شر يُرجى , التعامل مع البنوك الاسلامية , اضحية العيد , وغيرها العشرات والعشرات من الامثلة الكثيرة ......
مؤخراً حاول أحد مدعى التدين نصحى على طريقة الوعاظ التقليدية....لكنه بطريقة كلامه -العقيم - زاد عنادى لتقبل كلامه بالمرة ,حتى وإن كان سليم من الاساس .. حيث استخدم معى أسلوب الواعظ الناصح المقوم للاخرين ... رغم معرفتى التامة بسوء تصرفاته مع الكثيرين ومنهم انا بالتحديد.. كذلك استخدامه للدين فى اغراض وأوقات معينة ...وكان اعتراضه معى على كلمة ( والنبى) التى نستخدمها طوال الوقت بلا اى غرض سيىء منا مبررا انه لاحلف بغير الله ...فكلمة ( والنبى) ما هى الا لزمة اعتدناها لا نقصد بها الحلف بغير الله اطلاقا بل هى من باب الطلب والعشم .... ومثلها مثل ( والمصحف , والكعبة , ورحمة فلان ...) ....فلا يقصد بها قائلها الشرك بغير الله ...إنما اعتاد صاحبها ترديدها بدون قصد الحلف بغير الله ....
موقف اخر شاهدته على برنامج القاهرة اليوم ..فى فقرة مشتركة بين عمرو اديب وامال عثمان كان ضيفاها الشيخ جمال قطب وقارىء للقرآن الكريم يجيد القراءة بتلاوات العديد من القراء ...وبدأت الفقرة بقراءة القرآن الكريم ثم أعقبها فاصل من التليفونات لاخذ رأى الشيخ فى بعض الفتاوى بخصوص رمضان ( كحكم بلع الريق فى نهار رمضان..مثلا... ؟؟!!!!) ...المكالمة التليفونية الاولى اعترض المتصل على ان المذيعة ( آمال عثمان) كانت تضع احد قدميها فوق الاخرى اثناء قراءة القرآن ...فما كان من المذيعة الا انها انزلت رجلها فورا وهى فى قمة الاحراج ثم اعتذرت لعدم اخذ بالها ....الى هنا والكلام منطقى ..
لكن ان تأتى مكالمة اخرى تالية تستسغل الموقف لنيل انتصار داخلى يشعرصاحبه بتفوقه الدينى على الاخرين وينصب نفسه مرشدا لهم ... يتكلم المتصل بشكل فج ليبدى انزعاجه من وجود المذيعة بشعرها الاصفر فى حضرة القرآن الكريم والفقرة الدينية - رغم انها ترتدى ملابس محتشمة اكثر من معظم المحجبات - ..
وللمتصل اقول ...
للاسف نحن لا نحافظ على هيبة قراءة القرآن ...وتجد من يدخن السجائر فى التاكسى او فى القهوة او فى العزاء ..فى اجواء تلاوة القرآن , وغيرهم ممن يتحدث ولا يستمع اليه من الاساس ..فهل اصبحت المشكلة الان فى الشعر ( والاصفر على وجه الخصوص ) فى حضرة القرآن الكريم ...للاسف هو نفس المجتمع الذى يحقر من شأن المرأة ويعتبرها فتنة متحركة تثير غرائز الرجال اينما وجدت وحتى ولو كان صوتها فقط هو الظاهر ....
وايضا للمتصل اقول ...يا اخى لا تشاهد هذه الفقرة وغير المحطة ,ولا تكون ناصحا او مرشدا دينيا على خلق الله بدون وجه حق ...مادمت غير معجبا بمنظر الشعر الاصفر فى حضرة القرأن الكريم ..وانا متأكد ان هناك من سيخبرنى بالايات الدالة على ان المسلم الحق هو من يُقوم ويُرشد الاخرين ...وان الحديث الشريف الذى يحثنا بالضرب على يد المخرب فى المجتمع مادامنا فى مركب واحد , لكن النصح بهذه الطريقة الفجة هو نوع من التطفل والتدخل فى حريات الاخرين , ما الداعى ان تحرج المذيعة على الهواء وعلى مرآى ومسمع من الملايين فهناك الكثير من الطرق الاخرى كانت تصلح لايصال نصحك بشكل اكثر تهذيبا (كارسال رسالة قصيرة على موبايل البرنامج مثلا ) ...اعتقد ان المتصل لم يكون ناصحا بقدر ما كان حريصا على ابراز عضلاته الدينية امام المشاهدين ..وهو الامر الذى اسميته منذ البداية بادعاء للتدين ....
الشخص مدعى المتدين لا يكف عن ارسال الايميلات الدينية اليك مع تحذير بأن الشيطان سيتغلب عليك ويجعلك لا ترسلها لغيرك ...كما انك اذا لم ترسلها ستصاب بمصيبة من العيار الثقيل ....
مُدعى التدين ..يمسك فى يده بسبحة طوال الوقت حتى وهو نائم ....
مُدعى التدين متطفل احيانا ...فهو لا يحب ان تعرف عنه اى شىء فى الوقت الذى يسألك عن تفاصيل حياتك بلا حرج ..
مُدعى التدين ....يبدأ حديثه فى الموبايل بالو ( hello ) ثم بالسلام عليكم ...وينهيه ايضا بالسلام عليكم ....
مُدعى التدين ....يحاول اختبارك ببعض الاسئلة الدينية الذى سمعها امس من شيخه المتشدد على القناة الدينية التى يتابعها ..
مُدعى التدين ...يملك دشا ..لا يشاهد عليه سوى البرامج الدينية والقنوات الدينية ..واذا جلس معك فى مكان ما تجده يشاهد الاغانى والاعلانات ..بلا اى توتر ..مدعيا انه يشاهدها لاول مرة ..
مُدعى التدين اذا كان عازب ...يبحث عن فتاة تتميز بمظهر دينى بحت , يحاول الارتباط بها عاطفيا قبل ان يتقدم لها ...لا يجد مانع دينى فى ذلك ...
مُدعى التدين ... لا يحب المتدين الحقيقى ..الذى يطبق جوهر الدين , ولا يهتم بمظهره ....
مُدعى التدين ...يكثر من قول استغفر الله , وحسبى الله ....لا يعرف من الاذكار غيرها , كذلك يفتح الراديو او التلفاز على القرآن الكريم ...فى الوقت الذى لا يركزاساسا فيما يتلى ...
مُدعى التدين .. يطبق السنن تطبيقا حرفيا ...فى الوقت الذى قد يتجاهل كثيرا من الفروض ...
مُدعى التدين ....يتحدث عن الجهاد فى سبيل الله , فى الوقت الذى لا يذهب للانتخابات لابداء رأيه ......
مُدعى التدين .....لا يعجبه احوال البلد ...لكنه لا يفتح فمه بكلمه ضد الحاكم, فلا يتظاهر او يعتصم ضد حكومته ...
مُدعى التدين لا يخالط جيرانه , ولا يودهم .....يتجنبهم بمبرر تركهم بحلوهم وبمرهم ......
للاسف اختلطت ازدواجية المجتمع بتدينه الشكلى المظهرى ..لتفرز جيلا من المشتتين ..الذين يؤمنون ببعض الافكار الرجعية المتخلفة ..التى لا تشوه سوانا , لتفرز مجتمعا متطرفا فى افكاره وتعاملاته .....
أذن .......
جوهر الاسلام والتدين الحقيقى هما الحل .................
للعلم..............
الكثيرون كتبوا فى هذا الموضوع بشكل أفضل منى ,لكنى حاولت هنا أن أعرض وجهة نظرى بشكل او بأخر ..قد يكون أفضل هذه المقالات من وجهه نظرى هو مقال للكاتب الكبير علاء الاسوانى نُشر له بجريدة الدستور منذ فترة, تحت عنوان ( التدين البديل) ...لقراءة هذا المقال من هنا