منطق السبوبة هو منطق إنتهازى فرضته ظروف الحياة المصرية ..مع فقدان المواطن لكرامته
الانسانية , وعدم إحساسه بعدالة المجتمع من حوله فى تقدير ظروفه الصعبة و إيصاله لمرحلة الاكتفاء الذاتى لسد إحتياجاته وإحتياجات أسرته وعائلته .. متناسيا وجود وازع داخلى يسمى ضميره أو أخلاقه أو دينه ( مسلم أو مسيحى) ..
أرى منطق السبوبة ..منطق مصرى بحت (للأسف) ..
نابع من الاستغلال والاستسهال ...
إستغلال موقعك والظروف أى كانت ونزع كل المشاعر الانسانية ..
وإستسهال الحصول على المال بأسرع وأسهل طريقة بدون أى مجهود أو عطاء أو عمل ..وبدون حساب شرعية هذه الطرق للحصول على هذه الاموال ..
للاسف أصبحت السبوبة فى عصرنا هذا..
منهج وفكر ..
هذه بعض من النماذج التى رأيتها بنفسى كتطبيق عملى لمعنى السبوبة ..
*دكتور عديم الذمة والمهنية ...عاوز يعمل ((سبوبة)) على أحد المرضى ..وخصوصا أمثاله من الجراحين أيا كان تخصصهم ..
العيان المسكين جاى بشوية مغص - خراج -الم فى الظهر - ....الخ
تجد الموضوع بالنسبة للدكتور سبوبة متكاملة وقد يشرك معه آخرين للحصول فى مقابلها على سبوبة متبادلة منهم ..
الدكتور : بص يا حاج إنت هتعمل الاشعة دى فى مركز (...) ..وشوية التحاليل دى فى معمل ( ..) عشان دول تحاليلهم مضبوطة .. وتجيب الادوية دى (س) و(ص) و (ل) من صيدلية ( ... ) عشان ماحدش يبدلك الدوا ..وتجيلى فى الاعادة نشوف هتحتاج نعمل عملية ولا لا ...
طبعا العيان المسكين بمجرد وصوله لجلسة الاعادة ..
الدكتور ( السبوبة) يحوله الى مستشفى بعينها ..يقتسم معها جزء من السبوبة ..
*أخصائى التخسيس والعلاج الطبيعى الذى صمم أن يكون أحد أصدقائى متابعا لجلسات الريجيم معه حتى يتمكن من الاشتراك بالجيم الخاص بالمركز ..فى ربطة كيمائية مماثلة لربطة ذرتى الهيدروجين بذرة الاوكسجين فى جزىء الماء ..فى سبوبة مثالية ذاتية المكسب ..
*ميكانيكى ..بمجرد وصولك بسيارتك الشيك ( اللى ما يعرفش انت أصلا واخدها من شغلك بضمان مرتبك ) أول ما تشتكيله من أى صوت ..
يبقى فتحت على نفسك فاتوحة ..ودخلك الميكانيكى فى سبوبة سريعة ذات عائد سخى من زبون أوقعه حظه العاثر فى ميكانيكى عديم الذمة والضمير ..
لا هم له سوى ..عمل أى سبوبة ..
* حتى أمين شرطة الذى يؤدى مهنته التى عُين بها ..
لابد أن تُخرج شيئا من محفظتك حتى يتم لك المحضر الذى دخل صديق لى لقسم الشرطة لعمله بعد حادث طارىء لسيارته ..أصيب به بعد رعونة سائق ميكروباص قرر تجاوز سيارة نقل كبيرة بالتخطى للحارة المقابلة بدون مراعاة القادم فيها ..
ولولا مهارة صديقى فى تفاديه قدر الامكان ..لما كُتبت له النجاة ولا كانت سيارته أفلتت من الفرم بالكامل ..
أمين الشرطة لم يعتبر أنه يطلب شيئا غير عاديا ..
فهى أجرة لابد من تحصيلها والا تعرضت للماطلة وللتأخر فى الحصول على حقك ..( المحضر) بلا أدنى إحساس بالذنب من جانبه..
السبوبة ..
أو المصلحة أو الاكرامية أو الدخان (حتى لغير المدخنين)...أو ...
ليست سوى كارثة مصرية خالصة ..تتسبب فى خوف المواطن المصرى فى خوض أى تجربة جديدة بمفرده بلا أستشارات وتوصيات و وساطات ومجاملات ..
السبوبة...
تجعلك لا تأمن من شراء كيس شيبسى حجم عائلى دون النظر الى تاريخ الصلاحية .. فقد يكون البائع قرر عمل سبوبة سريعة بشراء 5 كراتين شيبسى منتهى الصلاحية بربع تمنه ..ليبيعه بثلاث أضعاف ثمنه ..
وتنال أنت وعكة سريعة.. تنفق فيها أضعاف ثمن ال5 كراتين كاملة ..
أستطيع القول أن السبوبة لدى الموظف المصرى .. نشأت معه من صغره
عندما أدرك ان المنهج عبارة عن سبوبة ...يمكنك الحصول على أى عدد من الدرجات التى تكفيك للنجاح فقط
بسبوبة سريعة مع مدرس المادة ..أو شراء مذكراته أو تصويرها أو ملخص مكثف للمادة لطشته من نبهاء الفصل بلا أدنى مجهود منك طوال العام ..
هذه ميزة السبوبة ...
أنك تستمع طوال الوقت بلا أدنى مجهود وبلا أى منغص ...
أنت فى وضع الرفاهية الكاملة ..صفائك الذهنى فوق العادى ..
مجرد لعبة صغيرة ...ركلة أخيرة يركلها مهاجم لم يجرى نص كيلو طوال مبارة 90 دقيقة ..لكنه يجد الكرة وصلت له بسهولة غريبة ..
فينتهز الفرصة ليرفع على الاعناق بهدف وحيد سدده فى منتصف المرمى شبه الخالى فى أقصى معانى السبوبة ..فى عالم كرة القدم المصرية..
وأن تحصل على قمة التقدير ...بأدنى حد من الجهد والعطاء ..
أما أسوأ ما فى السبوبة ..
أنك لن تجد الظروف ميسرة لك فى كل الاحوال لعمل سبوبة ..
الا لو كنت محظوظا حظا فائقا ..يجلب لك السبوبة طوال الوقت بلا أدنى محاولة حتى للسعى خلف السبوبة ذاتها..
قارئى العزيز ..
أنا للاسف تعاملت معك بمنطق السبوبة ..
خطفتك فى موضوع سريع ..لم أحدد لك الاهداف والحلول ولا العلاج ..
ولم أعطيك موضوع متكامل كالحليب كامل الدسم ..
لكن هذه آفه جديدة وصلت للاسف حتى ..
للادب والادباء ..
فنصف الكتب الان فى المكتبات ماهى الا سبوبة لاحداث الثورة ..
أدعوك للبحث عن عدد عناوين الكتب التى كتبت عن الثورة ..
ستجدها تفوق ال 100 كتاب ..
أنتهت سبوبة الكتب الساخرة .. لندخل فى سبوبة كتب الثورة ..
و للاسف هذا الامر لم يقتصر على الكتب المتعلقة بالثورة ..
بل إمتد للثورة ذاتها ..
فهذا كافيه ثورة 25 يناير ..وتلك وجبة ثورة 25 يناير ..وهذه رنة شباب الثورة ..و...ألخ
للاسف كل هذا بسبب ..
مرض السبوبة ..
عيب أخر يضاف للسبوبة هو ..تقليديتها ..
فالكل فى السبوبة يسعى خلف التقليد والاقتباس ..بشكل كبير ..
ولتحصى عدد الصيدليات المتجاورة ( رغم قانون ترخيص الصيدليات الذى يشترط ال 100 مترمسافة بين الصيدلية والاخرى .. ) وعدد محلات الموبايل فى أى منطقة تشاء ..
وستعرف أننا شعب أبتُلى ..
بعدم عشق الابتكار ..
و بعشق منهج وفكر ومبدأ
السبوبة ..
فقط لا غير ..
هناك تعليقان (2):
ايوة يا شريف ..
كلامك كله صح و فعلا المصريين بس همة اللي عايشين بالسبوبة !!
نفسي المجتمع يبقى معقول - مش مثالي - يكون فيه شوية ضمير و شوية أخلاق .. و ربنا بيبارك و الله .
تسلم يا شريف :)
اكبر سبوبة اللى بيتاجروا بالدين سواء زمان او الان
إرسال تعليق