لقد درجت، شأني في ذلك شأن معظم الجيل الذي أنتمي إليه، علي المثل القائل بأن "
(( اليد البطالة نجسة ))، ولما كنت طفلا يتحلي بأسمي الفضائل، كنت أصدق كل ما كان يقال لي.. وإكتسبت ضميرا مازال يدفعني إلي العمل الشاق حتي اللحظة الراهنة.. ولكن علي الرغم من أن ضميري لايزال يسيطر علي (أفعالي) إلا أن (آرائي) قد إجتاحتها ثورة.. فأنا أعتقد أن العمل الذي ينجز في العالم يزيد عما ينبغي إنجازه بكثير، وأن ثمة ضررا جسيما ينجم عن الإيمان بفضيلة العمل ..."
برتراند راسل – فى مدح الكسل
..........................
كنت قبل شهور قليلة لا أحرك ساكنا إذا خّربِت الدنيا من حولى فى منزلنا ..فلو صرخت المروحة بأصوات الالاف من الجن الصارخ من سخونة الجو التى لم تعد تكفيها المراوح العادية ..أو فقد الريموت الخاص بالتليفزيون زرار الفتح والاطفاء والصوت وتغيير القنوات .. و لو أخرج البوتجاز نيران من جوانبه أثناء الطبخ ...ولو أخرجت البلاعة جزءا من إفرازاتها بداخل غرفة المعيشة .. ولو تشققت جدران المنزل ودخلت منها الاتربة ولو انطفئت أنوار المنزل كافه عدا لمبة واحدة ..لما كنت سأبالى ..!!
أما الان فقد تغير الوضع كليا بعد قرارى الاكثر مخاطرة - على ما أظن - فى حياتى ..
فقد قررت منذ فترة أننى نويت الجواز ..بعد أن وجدت بنت الحلال ..ولأن قطار العمر يجرى ..وأنا بالتأكيد بحاجة لمن يساندنى متاعب الحياة ..
وعليه فقد خلعت عبأة الكسل عنى بكامل إرادتى ..!!
بدأً من تجهيزات الشقة ..وما أدراك ما هى وما سيحدث لك عندها ..!!
من الابره ..للصاروخ ..ستبحث .. ومن المساعدة الى القيام بالصنعة بنفسك بدلا عن الصنايعى ستفعل..
والتجهيزات
من الرمل والاسمنت والطوب ..للمبة ومفتاح الكهرباء والفيشة واللاكور والحنفية والطبة و البلاستك والمعجون و السلك 3 مللى و .... طبعا فوق كل هذا الصنايعى الذى يلزمه كل تلك التجهيزات للعمل ..
سلسلة لا تنتهى من الطلبات والتعقيدات المهنية والتفصيلات التى تحتاج لصبر وطولة بال لا يتحملها من هو فى مثل سنى ..على ما أظن .!!!
لا بأس .. مرت المرحلة بصعوبتها ومعاناتها ..!! وإحتسبت ما مررت بها من خبرات أنها ستثقل من ال c.v الشخصى لى .. لو قررت خوض مجال المعمار والمقاولات ..!!
أحمد لله بعد الجواز إختلف الامر كثيرا ..!!
فلا ينطفىء لمبه نورها ..الا وأكون مطالبا بإصلاحها فورا ولو كان النور مقطوع عن المنطقة ولو كانت الساعة 12 ظهرا ..!!
و الحنفية التى تسمع صوت تنقيطها ...لابد من معالجتها فورا ..!! فالامر لا يقبل التأجيل ..وقد تغرق العمارة التى أسكن بها بسبب تلك النقطة المتكررة ..
لن أخبرك صديقى عن الطلبات الاخرى التى لا أتوقف عن إحضارها طالما خطوت خارج عتبة المنزل .. !! (كل شىء يتم إحضاره من الخارج ...عدا الزبالة فهى الشىء الوحيد الذى تحصل عليه وأنت خارج ..!!)
لا أنكر قدر الاستفادة التى إكتسبتها من معرفة أسعار سلع ما فكرت يوما فى معرفتها ..وكنت على ما أعتقد منفصلا عن الواقع فى مجال البقالة ..
فما المانع أن تعرف سعر اللبن المكثف ؟؟ أو البصل البودة ؟؟ أو منظف الاطباق ؟؟ أو خلطة البشاميل أو الكفتة ؟؟
فأنا بعد الجواز لا أستطيع العيش يوما بدون لبن مكثف ..
ولا أستطيع الاستغناء عن البصل البودرة فى كل أكلاتى اليومية ..!!
لا اعرف كيف كنت أأكل قبل إختراع هذه الاشياء ؟؟
الان فقط عرفت صديقى ..!!
لماذا أمتدح الانتخة بعد أن هجرتنى ؟؟!!
لأن كل تفصيلة يومية..أصبح لابد أن يتخللها قدر من الاعطال والاعطاب والمشاكل التى تحتاج لحلول طارئة ...خارطة الطريق لكل عطل أو خلل أو مشكلة ..لابد من وضعها ..
المزيد من المقترحات والاستشارات والحلول المقترحة طوال الوقت ..المزيد من البحوث على جوجل لتبادل الافكار مع اخرين وقعوا فى مشاكل مشابهه..
لن أحدثك أيضا سوى عن أهم ما يؤرق الا وهى .. الاجازات الرسمية !!
فأيام الاجازات التى كنت أتمناها دوما ..للحصول عن قدر من الراحة بلا تفكير وبلا ضغوط وبلا أرق ..أصبحت ذكريات جميلة ..من زمن أجمل ..
الساعات والايام التى كنت تسترخى فيها على فراشك الوثير .. تمدد أقدامك على الطاولة ..وتضع اللاب توب على فخذيك تتصفح الانترنت بلا سبب محدد أو خارطة طريق , وبلا بحث عن حل لمشكلة جديدة فى إنتظارك .. ولت ومضت ..
أما الان ..
فالاجازة تبدأ بيد رقيقة تزغدك فى مواضع شتى .. لقطع حبل نومك فى يوم الاجازة والراحة , وتُجهز عليك بأوردارات عليك تطبيقها فورا ..
زى ..
..هنخرج نتفسح فين النهاردة..؟؟ يالا عاوزه أروح لماما ..
تعالى ننزل نشترى طلبات البيت ..
الحوض إتسد ...قوم صلحة..او انزل هات سباك ..
أو جهاز كهربائى عطل ..إنزل وديه يتصلح ..
ورغم ذلك ..
فإننى أحمد الله... فزوجتى من النوع المتواضع فى طلباته مقارنةً بمثيلاتها من البنات فى مثل عمرها ..لكن الحياة الزوجية بصفة عامة هى الخام الاصلى لعدم الراحة ..والمضاد للأنتخة بصفة خاصة ..وما بالك فيما سيحدث بعد مجىء العيال ..!!
وأظنك لاحظت صديقى العزيز قلة مواضيعى هذا العام ..وندرتها ...وها أنت قد علمت السبب الحقيقى وراء ذلك بدون الخوض فى المزيد من التفاصيل ..
أما عن المقدمة ..
فأنا لا أتفق مع برتراند راسل فى مدح الانتخة فقط ..!!
لكنى أظن أن الانتخة تحتاج لتمثال خالد لذكراها أمام منزلنا ..!!
هناك تعليقان (2):
كنت حأسأل أين أنت؟
ولكن والحمد لله عرفت السبب
وما دمت قد عرفت السبب فلن أسأل :)
ربنا يديم عليك (عدم الأنتخـــــة :)
اين انت؟
لماذا توقفت؟
إرسال تعليق